أكد الكاتب والمحلل السياسي المحامي جوزيف أبو فاضل أنّ هناك طعناً سياسياً بالانتخابات النيابية يأخذ مداه، مشيراً إلى أنّ حقّ كلّ مرشح يجد نفسه متضرّراً أن يلجأ إلى المجلس الدستوري الذي يملك الصلاحية المطلقة لتصحيح أيّ شوائب يمكن أن تكون حصلت في دائرة من الدوائر.
وفي حديث إلى تلفزيون "OTV" ضمن برنامج "حوار اليوم" أداره الإعلامي جورج ياسمين، لفت أبو فاضل إلى أنّ حصول النائب المنتخب عن حزب الله أمين شري على النسبة الأكبر من الأصوات التفضيلية في دائرة بيروت الثانية له رمزيته من الناحية التنظيمية، مشيراً إلى أنه يحمل رسالة تقول نحن هنا وهذا الأمر له رمزية كبيرة بالنسبة للعاصمة.
وشدّد أبو فاضل على أنّ ما أسهم في فوز الأحباش أيضاً هو التنظيم الذي يمتلكونه، لافتاً إلى أنّ الأحباش ضُربوا في الصميم في السنوات الماضية وخفّ وهجهم، ولكنهم عادوا بقوة في هذه الانتخابات، موضحاً أنّ النائب المنتخب عدنان طرابلسي متمرس في الحياة السياسية وليس طارئاً عليها.
كأننا عشية العام 1989
ورداً على سؤال، اعتبر أبو فاضل أنّ وضع تيار المستقبل جيد نسبةً إلى القانون النسبي، مشيراً إلى أنّه لا يزال الأقوى سنياً سواء في بيروت أو صيدا أو عكار أو طرابلس، حيث حصد أغلب المقاعد السنية، لافتاً إلى أنّ كتلة الرئيس نجيب ميقاتي مثلاً لا تضمّ سنياً سواه. ورأى أنّ اللواء أشرف ريفي أصبح خارج جنة الحكم أو خارج جنة الرضا السعودي عليه، لافتاً إلى أن عدم استقبال السعودية له في الآونة الأخيرة أسهم في إقصائه، علماً أنّ التوقعات كانت ترجح فوزه وحده من لائحته.
واعتبر أبو فاضل أنّ هجوم البعض غير المسبوق على العهد غير مبرّر خصوصاً من المسيحيين، لافتاً إلى أنّ تطويق العهد والعماد عون من قبل هذا البعض يوحي وكأننا عشية العام 1989، لكنّهم لن يتمكنوا من الرئيس العماد ميشال عون، مشدّداً على أنّه لا يدافع عن الرئيس عون كرمى لعيونه، ولكن دفاعاً عن أداء هذا الشخص الذي لم يخطئ بحق أحد في لبنان.
عون خط أحمر
وقال أبو فاضل إن هؤلاء باتوا دون الخطوط الدنيا للتعامل السياسي في لبنان، ورأى أننا أمام مسرحية هزلية، مشدّداً على أنّ ما يحصل يهدف لتطويق العهد وإفشاله وليس فقط إضعاف رئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجية جبران باسيل، ولفت في هذا السياق إلى الإنجازات التي حققها العهد، بدءاً من الملف المالي، وإقرار موازنتين، وصولاً إلى الملف الانتخابي، وإقرار مبدأ النسبية، مشدّداً على أنّ العماد ميشال عون خط أحمر.
واستغرب أبو فاضل محاولة رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع تصوير وكأنّ 15 نائباً أكثر من 29 نائباً، وفيما أشاد بحصول الانتخابات من دون ضربة كف في المناطق المسيحية، أشار إلى أنّ الحملات الانتخابية كانت ظالمة، من دون أن ننسى المال الانتخابي الذي صُرف بكثرة في هذه الانتخابات.
الحريري يفضّل باسيل
وجدّد أبو فاضل رداً على سؤال القول إنّ الرئيس سعد الحريري سيفضّل الوزير جبران باسيل لرئاسة الجمهورية في حال كان الخيار له، ولفت إلى أنّ الرئيس نبيه بري هو زعيم المعارضة والزعيم الوطني الموجود في مواجهة العماد عون، مشيراً إلى أنّ الكيمياء مفقودة بين الجانبين، وأعرب عن اعتقاده بأنّ الرئيس بري قادر على تشكيل كتلة أكبر من كتلة لبنان القوي مع حلفائه في حال أراد ذلك، واعتبر أنّ الاتفاق مع الرئيس بري يريح من الآخرين الذين لا يقدمون ولا يؤخرون.
ورداً على سؤال آخر، أكد أبو فاضل وجود خلاف كبير بين الرئيس بري والوزير باسيل، مشيراً إلى أنّ الأمور لن تنتظم في حال عدم حصول مصالحة بين الجانبين وكذلك رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، متحدّثاً عن مسعى جدي يبذله حزب الله وتحديداً أمينه العام السيد حسن نصر الله على هذا الصعيد، معرباً عن اعتقاده بأنّ مثل هذه المشكلة لا يمكن أن يحلّها إلا السيد نصر الله، بغياب أيّ مرجعية قادرة على تقريب وجهات النظر.
لعودة النازحين السوريين
وأشار أبو فاضل إلى أن الاتجاه في المنطقة في حال حصول تشنج هو الذهاب من جديد إلى الانقسام بين فريقي 8 و14 آذار، لافتاً إلى أنّ هناك مواضيع استراتيجية قيد النقاش، وأكد أن المسيحيين والشيعة في لبنان خائفون من بقاء النازحين السوريين في لبنان، خصوصاً أنّه بات هناك مناطق آمنة في سوريا قادرة على استقباله.
وفيما شدّد أبو فاضل على ضرورة أن تعمل الحكومة التي ستشكل بعد الانتخابات على التنسيق مع الحكومة السورية لحلّ هذا الموضوع، لفت إلى أنّ الذي يريد أن ينتقم من نظام الرئيس السوري بشار الأسد أو يريد أن ينفذ أجندات خارجية سواء سعودية أو قطرية أو غيرها يصرّ على بقاء السوريين في لبنان.
لا معركة على رئاسة البرلمان
واعتبر أبو فاضل رداً على سؤال أنّه لا يرى سبباً لأي معركة على رئاسة المجلس النيابي خصوصاً أنّ النواب الشيعة في المجلس كلهم من حزب الله وحركة أمل، مشيراً إلى أنّ افتعال معركة على رئاسة البرلمان بالتالي لا لزوم له ولو كان البعض يعتبر الرئيس بري شخصية غير إصلاحية، أو يريد الانتقام من عدم انتخابه للعماد ميشال عون رئيساً للجمهورية.
ولفت أبو فاضل إلى إيجابية حملها قول الرئيس بري إن تكتل لبنان القوي هو من يختار نائب الرئيس، معرباً عن اعتقاده بأنّ الخيار سيرسو على نائب رئيس المجلس النيابي السابق إيلي الفرزلي، الذي يؤيّده الرئيس بري أيضاً. وقلّل من شأن القول إن القوات ستؤيد بري، لافتاً إلى أنّها بذلك لا تقدّم شيئاً كون المعركة محسومة، فضلاً عن كونها تردّ لبري ديناً سابقاً، عندما رفض إخراج وزراء القوات من الحكومة وبالتالي عزل القوات، بعد عودة الرئيس الحريري من السعودية وإثارة الحديث عن تغيير حكومي.
عدم كفاءة سياسية
ورأى أبو فاضل أنّ رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل أظهر في هذه الانتخابات عدم كفاءة سياسية، مشيراً إلى أنّه هاجم السلطة وكأنه ليس منها على الرغم من أنّ حزب الكتائب كان طيلة السنوات الماضية في السلطة وفي الحكومة المتعاقبة، ولفت إلى أنه لم يعرف أن ينسج تحالفات، فضلاً عن أنه لم يعط الأصوات لمن تحالف معهم الذين لم يقدّموا لهم أصواتاً أيضاً، موضحاً أنّ الأصوات التي أمّنها في المتن مثلاً كانت من الكتائب فقط.
ولفت أبو فاضل إلى أن الغدر بالنائب ميشال المر في المتن الذي تحدّث عنه نجله الوزير السابق الياس المر، لم يأت من التيار الوطني الحر، بل من الكتائب ومن القوات اللبنانية، وشدّد على أنّ المر ليس عدواً ولو كان خصماً سياسياً، لافتاً إلى أنّ المفاجأة كانت في حصول القوات اللبنانية على حاصل في المتن، من خلال إدي أبي اللمع، مشيراً إلى أنّه لم يكن يتوقع أن تحصل القوات على الحاصل.
لا قيمة لحكومة غير منتجة
وأكد أبو فاضل أنه متفائل بالمجلس النيابي الجديد، مشدّداً على ضرورة تشكيل الحكومة الجديدة بسرعة، لافتاً إلى أنّه يؤيد الذهاب إلى حكومة أكثرية تحكم ومعارضة تعارض كما في كل دول العالم، موضحاً أنّ الحكومة الوطنية ليست قادرة على الحكم.
وأوضح أو فاضل أنّ الرئيس عون بحاجة إلى حكومة تقف بجانبه ورئيس حكومة متعاون معه لتسيير مشاريع البلد، وذلك حتى يكون العهد منتجاً، مشدّداً على ضرورة أن يكون فريق العمل الحكومي متجانساً حتى يكون قادراً على العمل.
وأشار أبو فاضل إلى أن لا قيمة اليوم لحكومة غير منتجة، خصوصاً أنّ البلد على حافة هاوية خطيرة مادياً، ولفت إلى أن اللبنانيين لا يريدون حكومة ولا يريدون ثرثرة في هذه المرحلة، مشدّداً على أن البلد يجب أن يستفيد من الفرصة التي يمنحها وجود الرئيس عون في قصر بعبدا، باعتبار أنه مصمّم على العمل.